جدد رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان حسان دياب تحذيره من أن بلاده وشعبه "على شفير الكارثة" ودعا المجتمع الدولي للتحرك للإنقاذ.
وقال في كلمة بعد اجتماع مع مجموعة من السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية في بيروت "لا يحق لهذه الحكومة استئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتطبيق خطة التعافي التي وضعتها الحكومة، لأن ذلك يرتّب التزامات على الحكومة المقبلة قد لا تتبناها".
وأضاف "أصبح ربط مساعدة لبنان بتشكيل الحكومة يشكل خطرا على حياة اللبنانيين وعلى الكيان اللبناني، لأن الضغوط التي تُمارس والحصار المطبق على لبنان لا يؤثر على الفاسدين، بل يدفع الشعب اللبناني وحده ثمناً باهظا يهدد حياته ومستقبله كما يهدد لبنان كنموذج ورسالة في العالم". وقال "لبنان واللبنانيون على شفير الكارثة".
ولا تلوح في الأفق أي حلول جذرية لإنقاذ البلاد، ويغرق المسؤولون في خلافات سياسية حادة حالت منذ نحو 11 شهراً دون تشكيل حكومة خلفاً لحكومة دياب التي استقالت بعد أيام من انفجار المرفأ.
ويشترط المجتمع الدولي تشكيل حكومة تباشر بتنفيذ إصلاحات ملحة، مقابل تقديم الدعم المالي للبنان. إلا أن فرنسا، التي تقود ضغوطاً دولية لتشكيل حكومة جديدة، والأمم المتحدة نظمتا منذ أيلول/سبتمبر مؤتمرين دوليين، قدّما مساعدات انسانية عاجلة للمتضررين من الانفجار ومنظمات المجتمع المدني، من دون المرور بالمؤسسات الرسمية اللبنانية.
ونبّه دياب في كلمته الى أن "لبنان يعبر نفقاً مظلماً جداً، وبلغت المعاناة حدود المأساة". وأشار الى أن الأزمات الحادة التي يعيشها اللبنانيون "تدفع الوضع نحو الكارثة الكبرى التي تتجاوز تداعياتها أي قدرة على الاحتواء"، معتبراً أنّ "الصورة أصبحت واضحة: لبنان واللبنانيون على شفير الكارثة".
وناشد رئيس حكومة تصريف الأعمال قادة الدول والمجتمع الدولي "المساعدة في انقاذ اللبنانيين من الموت ومنع زوال لبنان" الذي بات "على مسافة أيام قليلة من الانفجار الاجتماعي".
وأضاف مخاطباً الدبلوماسيين "أدعوكم إلى … أن تساعدوننا في نقل رسالتنا إلى دولكم ومؤسساتكم: أنقذوا لبنان قبل فوات الأوان".
وأقر دياب أن ما تتخذه حكومته من اجراءات وتدابير "نجحت في تأجيل الانفجار وليس منعه"، معتبراً أنّه "لا تستطيع هذه الحكومة ولا أي حكومة أخرى أن تنقذ البلد من المأزق، من دون مساعدة الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية".
وحذّر عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب نعمة طعمة من "ارتطام كبير" في لبنان، في حال لم يتم تشكيل حكومة إصلاحية إنقاذية تتحول إلى حكومة طوارئ اقتصادية لمعالجة قضايا الناس وهمومهم، مشيراً إلى "أن هناك حالة فقر في لبنان لم يسبق أن شهدها حتى في مراحل الحروب المؤسفة"، ومنبهاً إلى أن "الآتي أعظم في الأسابيع المقبلة نظراً لغياب المعالجات المطلوبة".
وأعرب طعمة، في حديث لـ"الشرق الأوسط"، عن قلقه "من هذا الانحدار المريب الذي يشهده لبنان على المستويات الاقتصادية والحياتية والاجتماعية"، منتقداً "خوض البعض معاركه الرئاسية والانتخابية، فيما لبنان يحتضر، وهذا أمر مؤسف قد يؤدي إلى ما لا يُحمد عقباه في الشارع".
يأتي هذا فيما يشهد لبنان منذ خريف 2019 انهياراً اقتصادياً متسارعاً هو الأسوأ في تاريخه، فاقمه انفجار مرفأ بيروت المروع في الرابع من أغسطس وإجراءات مواجهة فيروس كورونا.
وتعمق الأزمة الاقتصادية المتمادية معاناة اللبنانيين الذين بات يئنون تحت وطأة تراجع استثنائي لقدراتهم الشرائية، فيما خسرت الليرة اللبنانية حتى الآن أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار. وينتظر المواطنون لساعات في طوابير أمام محطات الوقود، أو بحثاً عن أدوية بات معظمها مفقوداً، وسط تقنين قاس في الكهرباء.
ولم يبق أي مرفق عام أو خاص أو طبقة اجتماعية بمنأى عن تداعيات الانهيار. وترفع قطاعات عدة صوتها يومياً محذرة من عدم قدرتها على الاستمرار في تقديم الخدمات، في وقت بدأت الحكومة، على وقع شحّ احتياطي الدولار لدى المصرف المركزي، ترشيد أو رفع الدعم عن استيراد السلع الرئيسية كالطحين والوقود والأدوية.
في حين لا يزال الصراع على الحصص والنفوذ بين القوى السياسية يحول دون تشكيل حكومة منذ أشهر.