اتهم قادة حوثيون مسؤولون عن أحوال جرحى الجماعة، قادة آخرين بالتخلي عن آلاف الجرحى الذين أصيبوا في المعارك التي تخوضها الميليشيات من انقلابها على الشرعية بسبب فساد هؤلاء القادة ونهبهم للأموال المخصصة لعلاج الجرحى، بحسب ما جاء في وثيقة تداولها ناشطون في صنعاء.
وتطرقت الوثيقة الحوثية إلى الوضع المزري الذي وصل إليه آلاف الجرحى من الجماعة وما يواجهونه بالوقت الحالي من معاناة وإهمال متعمد، خصوصاً أولئك الذين تحولوا بعد إصابتهم إلى معاقين ولم يعد بمقدور الجماعة الاستفادة منهم مرة ثانية للقتال إلى جانبها.
ونتيجة للفساد المتفشي وإهمال الميليشيات المتعمد لمداواة جرحاها من المغرر بهم ممن زجت بهم طيلة سنوات ماضية للقتال في جبهاتها، كشفت الوثيقة عن أن أكثر من 17 جريحاً من غير المنتمين لسلالة زعيم الجماعة، توفوا قبل فترة بسبب الإهمال، في حين تعفنت جراح نحو 89 آخرين، الأمر الذي أدى إلى بتر أطرافهم.
وأشارت الوثيقة إلى وجود قرابة 312 جريحاً آخرين ممن تطلق عليهم الجماعة «الزنابيل» في إشارة إلى عدم ارتباطهم سلالياً بزعيم الجماعة، وقالت إن حالتهم الصحية في تدهور مستمر منذ مطلع العام الحالي ويصارعون الموت.
وأظهرت الوثيقة الصادرة من مؤسسة جرحى الميليشيات والموجهة إلى كل من المدعو مهدي المشاط، رئيس مجلس حكم الانقلاب في صنعاء، وعبد العزيز بن حبتور، رئيس حكومة الانقلاب غير المعترف بها، مدى استهتار الجماعة بجرحاها الذين سقطوا في الجبهات دفاعا عن أهدافها ومشاريعها الإيرانية.
وقالت الوثيقة إن «نافدين» في القطاع الصحي الخاضع للسيطرة الحوثية في صنعاء لا يزالون يتاجرون بمختلف أنواع الأدوية الخاصة بالجرحى، إلى جانب طردهم بالقوة للجرحى من بوابات المشافي الحكومية في العاصمة صنعاء.
وبينما أعلنت مؤسسة جرحى الجماعة عن إخلاء مسؤوليتها الكاملة نتيجة ما قالت إنه «قيام جهات حوثية أمنية بطرد الجرحى أغلبهم من (الزنابيل) من أقسام الرقود في المشافي بالقوة وإيقاف عملية علاجهم»، كشفت مصادر عاملة في المؤسسة ذاتها بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن عمليات فساد ونهب مهولة تمارسها قيادات حوثية أوكل إليها في السابق تولي مهام إدارة المؤسسة.
وأشارت المصادر إلى تحول تلك المؤسسة إلى مصدر لثراء القيادات الحوثية، خصوصاً تلك التي على ارتباط أسري بسلالة الجماعة.
ومع مواصلة انتهاج الانقلابيين لسياسة العنصرية بحق آلاف الجرحى رغم إصابتهم وهم يقاتلون في صفوفهم، تحدثت المصادر عن تحويل القيادات في الجماعة ملف الجرحى إلى وسيلة للمتاجرة به وجلب المزيد من الأموال من المنظمات ورجال الأعمال ومن الجبايات وموارد الدولة وغيرها.
واتهمت المصادر تلك القيادات بسرقة ما يزيد على 6 مليارات ريال من الأموال المنهوبة لمصلحة المؤسسة الحوثية للجرحى وتسخيرها لشراء أراضٍ وعقارات وفلل وسيارات فارهة، وادعاء تلك القيادات فيما بعد أن ذلك المبلغ صرف طيلة ثلاث سنوات لصالح الخدمات الطبية للجرحى.
وبحسب هذه المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» فإن أعداد جرحى الجماعة العائدين خلال 4 سنوات ماضية من مختلف الجبهات ارتفعت إلى أكثر من 128 ألف جريح، بينهم آلاف المعاقين.
وقالت المصادر إن الجماعة وقادتها ومشرفيها الميدانيين يزوجون تباعاً بالمئات من عناصرهم إلى معاركهم الخاسرة، بينما يعملون على ترك جثث صرعاهم مبعثرة في الأودية والشعاب في جبهات القتال ويتركون جرحاهم يعانون دون أي رعاية صحية باستثناء المقاتلين من السلالة الحوثية.
وكانت تقارير محلية وجهت بأوقات سابقة اتهامات عدة للجماعة بممارسة التمييز العنصري بحق عناصرها. وأشارت بعض التقارير إلى نشوب خلافات حوثية بينية أكثر من مرة حول اختيار الجرحى لتمكينهم للسفر للخارج لتلقي العلاج وتفضيل فئة «القناديل» (المنتمين للسلالة الحوثية وإلى صعدة) وتجاهل الفئات الأخرى من عناصر القبائل الموالية للجماعة.