أفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية كثفت أخيرا من استهدافها لقطاع محو الأمية وتعليم الكبار ومنتسبيه، في سياق سعيها لتدمير ما بقي من المؤسسات الحكومية وتحويلها إلى أماكن للتعبئة الطائفية.
وبحسب ما ذكرته المصادر لـ«الشرق الأوسط» أقدم عناصر الميليشيات إلى معاقبة أكثر من 70 موظفا ومعلما في مكاتب محو الأمية وتعليم الكبار بمديريتي معين وبني الحارث في العاصمة صنعاء من خلال حرمانهم من الحصول على نصف راتب أسوة ببقية موظفي القطاعات الحكومية الخاضعة للجماعة بحجة عدم حضورهم دورات طائفية كانت الميليشيات أقامتها لموظفي هذا القطاع.
وشكا عدد من المعلمين والعاملين في جهاز محو الأمية بصنعاء من تصاعد وتيرة الاستهدافات الحوثية بحقهم، وقالوا لـ«الشرق الأوسط» «إن الجماعة لا تزال تمارس سياسة الحرمان والعقاب الجماعي من خلال إيقافها مؤخرا لنصف الراتب الذي لا يغطي حتى ربع احتياجات العيد الخاصة بهم وأسرهم.
واعتبروا أن قيام الميليشيات بحرمان العشرات من الموظفين من الحصول على مستحقاتهم سيزيد من معاناتهم وأوجاعهم وأسرهم، خصوصا هذه الأيام مع قدوم عيد الأضحى المبارك.
وطبقا للتربويين، فقد أقامت الجماعة على مدى ستة أشهر ماضية دورات طائفية مكثفة استهدف فيها المئات من موظفي جهاز محو الأمية ضمن مخطط تطييف حوثي واسع طال معظم موظفي الدولة في مناطق سيطرة الجماعة.
وأشاروا إلى أن الجماعة سعت عبر عشرات الدورات التي أقامتها إلى غسل أدمغة منتسبي جهاز محو الأمية بغية إجبارهم فيما بعد على نشر «ملازم» مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي بين فئات كبار السن من الذكور والإناث وإقناعهم بأفكارها المتطرفة.
وتأتي تلك الإجراءات الحوثية في وقت لا يزال يعاني فيه الملايين من موظفي الدولة بمناطق سيطرة الميليشيات بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم بشكل عام وجهاز محو الأمية على وجه الخصوص من حرمان متعمد لأبسط حقوقهم في مقدمتها الراتب الذي تواصل الجماعة سرقته منذ عدة سنوات.
واستغلت الميليشيات طيلة مراحل فائتة المئات من معلمي ومعلمات جهاز محو الأمية وتعليم الكبار ومكاتبه وفروعه في الترويج لأفكارها الدخيلة على المجتمع وتلقين جميع مرتادي صفوف محو الأمية من النساء والرجال على حد سواء بهذه الأفكار.
وعلى الصعيد ذاته أشار مسؤولون وعاملون في جهاز محو الأمية الخاضع تحت سيطرة الجماعة بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، إلى حالة التدهور الكبيرة التي وصل إليها ذلك القطاع الهام، خصوصا في السنوات التي أعقبت الانقلاب والحرب التي أشعلت فتيلها الميليشيات.
وتحدث هؤلاء العاملون عن البعض من ممارسات الجماعة التي قادت إلى تراجع فاعلية وأداء ذلك القطاع التعليمي الهام، منها مصادرة الدعم المقدم محليا وخارجيا وإيقافها بشكل متعمد لكافة المحفزات المقدمة سابقا للملتحقين والملتحقات ببرامج محو الأمية وتحويلها للكثير من مدارس محو الأمية بمدن سيطرتها إلى ثكنات عسكرية ومخازن للأسلحة ومجالس لمضغ نبتة القات المخدرة، إضافة إلى حرمان الكادر التعليمي من الحصول على أبسط حقوقهم.
وعلى صلة بنفس الموضوع، كشفت معلومات وتقارير محلية، تحصلت عليها «الشرق الأوسط»، عن تراجع كبير في عدد الملتحقين بمراكز محو الأمية، خصوصا في السنوات التي أعقبت انقلاب الجماعة على السلطة الشرعية.
وبينما تؤكد إحصائية رسمية صدرت في 2010 أن عدد الدارسين بفصول محو الأمية بلغ حينها أكثر من 177 ألف دارس ودارسة. تقول إحصائية أخرى حديثة صادرة عن الجهاز الخاضع حاليا تحت سيطرة الجماعة إن إجمالي عدد الملتحقين بمراكز محو الأمية للعام 2020 بلغ 49 ألف دارس ودارسة.
وتوضح إحصائية العام 2010 أن إجمالي الدارسين في الأول أساسي بلغوا في 2010 نحو 76 ألف ملتحق. في حين بلغ عددهم في الثاني أساسي قرابة 61 ألف دارس ودارسة. كما بلغ عددهم في مرحلة المتابعة نحو 28 ألف دارس ودارسة، وبلغ عدد الملتحقين بالمهارات الأساسية والنسوية 12 ألف متدرب ومتدربة.
أما عدد الملتحقين بمرحلة أول أساسي في العام 2020م فبلغوا فقط نحو 22 ألف دارس ودارسة. بينما وصل عدد الملتحقين للثاني أساسي إلى 13 ألف دارس ودارسة، وبلغ عدد الملتحقين لمرحلة المتابعة 8 آلاف دارس ودارسة، وبلغ عدد الملتحقين بمراكز المهارات الأساسية والنسوية 5 آلاف و500 متدربة.