عبر حسابات عدة في وسائل التواصل الاجتماعي لاسيما إنستغرام، يجري الاتفاق بين مهربين وطالبي لجوء أفغان لجلب هؤلاء إلى تركيا بطريقة غير شرعية في رحلة محفوفة بالمخاطر وباهظة التكاليف المادية أيضاً.
"العربية.نت" طالعت عدة حسابات لمهربين عبر إنستغرام نشروا إعلانات وصورا لرحلة العبور الشاقة من الحدود الإيرانية إلى تركيا عبر الجبال الشاهقة وصولاً إلى بحيرة فان أقصى شرق تركيا، ومنها إلى المدن الرئيسية كإسطنبول وقونية وأنقرة.
المهربون لم يكتفوا بنشر الصور بل نشروا أرقام هواتفهم أيضاً، زيادة في ترغيب المترددين من مخاطر الرحلة الشاقة، التي قال بعض من اجتازوها إنهم ساروا 30 ساعة متواصلة، وبعض النساء ماتت من شدة التعب.
ورغم هذه المخاطر أعداد المهاجرين الأفغان في تزايد داخل المدن التركية مع تردي الأوضاع الأمنية في البلاد التي تنسحب منها الولايات المتحدة والناتو وتزداد رقعة طالبان فيها، ورغم الأوضاع الاقتصادية السيئة في أفغانستان يتوجب على الراغبين في الهجرة دفع مبالغ طائلة تبدأ من ألف دولار للشخص الواحد بحسب ما رصدته "العربية.نت" للبدء برحلة الهرب من أفغانستان إلى إيران ثم إلى تركيا.
البقاء في اسطنبول
كما أن الغالبية من اللاجئين الأفغان يفضلون إسطنبول وقونية لوفرة فرص العمل في هاتين المدينتين، وبعد أن كانت تركيا نقطة عبور إلى دول الاتحاد الأوروبي في السنوات الماضية، بات كثير من اللاجئين الأفغان اليوم يفضلون البقاء في تركيا على تجربة لجوء غير مضمونة النتائج صوب الاتحاد الأوروبي الذي فرض مزيداً من الاحترازات والإجراءات لاستقبال موجات لجوء جديدة.
هذه الحال لم تُرضِ بالطبع المعارضة التركية التي بدأت خلال الأيام الماضية بانتقاد سياسة حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان تجاه قضية الهجرة واللاجئين، فأعداد اللاجئين الأفغان غير معروفة، وكثيرٌ منهم بات يستخدم إقامات مزورة حصلوا عليها عبر سماسرة للتجول داخل المدن والولايات التركية.
انتقادات المعارضة.. ورشوة
وفي هذا السياق، انتقد رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيلتشدار أوغلو (زعيم المعارضة التركية) حكومة أردوغان والاتحاد الأوروبي الذي اتهمه بتقديم رشوة إلى تركيا لإبقاء اللاجئين في تركيا ومنعهم من السفر إلى دول الاتحاد.
كما قال في فيديو بثه عبر حساباته الرسمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، "هناك ضحيتان لهذه القضية، أحدهما أنتم، أيها الناس الأعزاء (الشعب التركي)، والثاني إخواننا اللاجئون". وأضاف "نسمع أن أوروبا تستعد لـحزمة رشوة ثانية لاستضافة تركيا موجات جديدة من المهاجرين، لن يحدث ذلك مرة أخرى أبدًا!"، وتوقع كيلتشدار أوغلو أن يتراوح عدد المهاجرين الأفغان في تركيا مابين نصف مليون ومليون مهاجر خلال مدة قصيرة.
منحة الاتحاد الأوروبي
تصريحات كيلتشدار أوغلو تأتي بعد تقارير صحافية أوروبية تساءلت حول إمكانية استفادة تركيا من منحة صندوق الاتحاد الأوروبي المخصص لوقف تدفق المهاجرين من أفغانستان. لكن مصادر الاتحاد الأوروبي أشارت إلى تغيير المبلغ المتفق عليه لتقديمه إلى تركيا بقيمة 3.5 مليار يورو ليس على جدول الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن.
ونقلت قناة يورونيوز عن مصادر الاتحاد الأوروبي تأكيدها أن الدعم المقدم لأنقرة لا يميز بين السوريين والأفغان، وهو يغطي جميع اللاجئين، ودعم مراقبة الحدود.
قبول المهاجرين
وفي قمة الاتحاد الأوروبي بيونيو الماضي، قرر زعماء الاتحاد تجديد اتفاقية إعادة قبول المهاجرين الموقعة مع تركيا عام 2016 وتقديم 3.5 مليار يورو من المساعدات لتركيا حتى عام 2024 لدعم المهاجرين على أراضيها.
وفي مقابلة مع صحيفة بيلد أم زونتاغ الألمانية، قال المستشار النمساوي سيباستيان كورتس إن تركيا "مكان أكثر ملاءمة" للاجئين الأفغان من ألمانيا أو النمسا أو السويد.
قراءة بـ"دهشة"
تصريح كورتس أضاف جدلاً جديداً إلى قضية المهاجرين الأفغان في تركيا، ما دعا الخارجية التركية إلى إصدار بيان انتقدت فيه تصريحات المستشار النمساوي، وقالت الخارجية التركية في بيانها، الاثنين، إنها قرأت تصريحاته "بدهشة".
وشدد البيان على أن "تركيا لن تستقبل موجة جديدة من الهجرة". وأضاف: "إننا ننقل هذا الموقف إلى محاورينا في كل مناسبة وعلى كل المستويات، مؤكدين أن تركيا لن تكون حارس حدود أو مخيماً للاجئين. الاتحاد الأوروبي".
تجارة تهريب البشر تزدهر
وفي تقييمه لزيادة عدد المهاجرين الأفغان في تركيا، يقول الأستاذ في قسم علم الاجتماع بجامعة غلطة سراي وأحد مؤسسي جمعية أبحاث الهجرة ديدم دانيش شينوز، لا يوجد وضع غير استثنائي للمهاجرين الأفغان سوى الزيادة المستمرة في أعدادهم صيفاً بعد آخر.
ويؤكد أن تجارة تهريب البشر إلى تركيا تزدهر باستمرار، وقال "هناك شبكات تزدهر باستمرار، يتوسع نشاطها، في نقل المهاجرين عبر الحدود الإيرانية ليلاً لعدم جذب الانتباه، اللافت في الأمر أن سلطات إنفاذ القانون عندما تقبض على مهاجرين غير شرعيين وتعيدهم إلى ما وراء الحدود، يعاود هؤلاء الدخول مجدداً إلى تركيا بطريقة أخرى".