كشفت دراسة دولية حديثة أن المغريات الاقتصادية المتمثلة في حقول النفط والغاز في محافظة مأرب اليمنية هي من تقف وراء استماتة الميليشيات الحوثية للسيطرة عليها، إذ خسرت الجماعة المدعومة من إيران خلال عام ونصف العام الآلاف من مقاتليها في هجمات لا تزال مستمرة.
وبينت الدراسة الأسباب التي جعلت الميليشيات تدفع هذا الثمن الباهظ من القتلى، وقالت إن هناك أسبابا سياسية واقتصادية وراء ذلك ونبهت إلى أن سقوط المحافظة بما فيها حقول النفط والغاز سيؤدي إلى تعطيل سبل العيش ويوفر دخلا إضافيا لهذه الميليشيات بواقع خمسة ملايين دولار يوميا وهو ما سيزيد من الضغط على سعر العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وبحسب الدراسة التي أعدها مركز «أكابس» حول الاحتياجات الإنسانية فإن محافظة مأرب تكتسب أهميتها لأسباب جغرافية واقتصادية يوجوسياسية، ففيها أكبر حقول النفط في اليمن، وهي المحافظة الوحيدة المنتجة للغاز الطبيعي. كما يمتد خط أنابيب الغاز الطبيعي من مأرب إلى ميناء بلحاف على بحر العرب في محافظة شبوة، ويمتد خط أنابيب النفط من مأرب إلى ميناء رأس عيسى بالقرب من الحديدة في الغرب ويوجد بالمحافظة أكبر محطة كهرباء في البلاد.
وتشكل الإيرادات الناتجة عن تصدير النفط الخام المنتج في مأرب 25 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لليمن، كما تقع مأرب على حدود محافظتي شبوة وحضرموت الغنيتين بالنفط.
وذكرت الدراسة أن معركة مأرب يمكن أن تؤدي إلى قلب التوازن بين قوات الحكومة الشرعية والحوثيين، لأن المحافظة مصدر رئيسي للدخل الاقتصادي بفضل مواردها الطبيعية، مشيرة إلى أن السيطرة على المدينة ومنشآت النفط والغاز ستوفر دخلاً إضافيًا كبيرًا للحوثيين، مما ينتج عنه احتياجات إنسانية إضافية.
وتوقعت الدراسة أنه في حال نجح الهجوم الذي تشنه ميليشيات الحوثي منذ بداية عام 2020 في السيطرة على مأرب فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تشريد ما يقدر بنحو 500 ألف شخص، وقد يؤدي الصراع والنزوح إلى تعطيل الوصول إلى سبل العيش والاحتياجات من النقد والغذاء والمأوى والمياه والصرف الصحي ودعم الحماية.
وقالت إنه ومن خلال السيطرة على منشآت النفط والغاز، سيحقق الحوثيون عائدات تقدر بين 1.3 و 5.5 مليون دولار في اليوم، وهو من المرجح أن يغير ميزان القوى في البلاد، إذ ستخسر الحكومة ما لا يقل عن 19.5 مليون دولار شهريًا من صادرات النفط الخام.
ونبهت الدراسة إلى أن فقدان عائدات تصدير النفط الخام سيفرض الحاجة إلى استيراد المزيد من الوقود والغاز لتغطية الطلب المحلي (إذا قام الحوثيون بتحويل ذلك إلى مناطق أخرى تحت سيطرتهم) ومن شأن ذلك أن يضغط على احتياطيات النقد الأجنبي، مما يؤدي إلى زيادة انخفاض قيمة الريال اليمني وزيادة أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء البلاد.
ومع نجاح هذا السيناريو – بحسب الدراسة – وارتفاع أسعار الوقود والغاز في مأرب والمناطق الأخرى التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية وتعطل دفع رواتب الموظفين العموميين، ستشهد العديد من الأسر انخفاضا في قدرتها الشرائية، كما ستشهد بعض الأسر انخفاضًا في التحويلات بسبب فقدان دخل أفراد الأسرة الذين كانوا يعملون في مأرب، مما سيزيد من تفاقم وضع الاقتصاد الجزئي ويدفع الناس إلى تبني استراتيجيات التكيف السلبية.
كما رجحت الدراسة أن يتسبب سقوط المحافظة في يد الحوثيين في ارتفاع أسعار البضائع المنقولة من مناطق سيطرة الحكومة إلى مناطق سيطرة الميليشيات الانقلابية نتيجة انخفاض قيمة الريال.