واصل البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن اتخاذ المزيد من التدابير الإضافية سعياً لوقف تهاوي العملة المحلية (الريال) أمام العملات الأجنبية، ولمواجهة إجراءات الميليشيات الحوثية التي تسببت في شطر السوق المصرفية.
وفي هذا السياق، أعلن البنك اعتزامه طرح سندات وصكوك مالية بقيمة 400 مليار ريال لإعادة الدورة النقدية في النظام المصرفي، مع البدء بضخ كميات من الأوراق النقدية ذات الحجم الكبير، إلى السوق عبر فروعه في المحافظات المختلفة (الدولار حوالي 1000 ريال).
وذكر بيان صادر عن البنك المركزي اليمني أنه بالتزامن مع تنفيذ خطته لتكثيف وتعميم تداول العملة المحلية بالحجم الكبير، بدأ البنك بسحب أكبر قدر من الريال اليمني بالحجم الصغير (الطبعة الجديدة) إلى خزائنه.
وأوضح البيان أن نائب محافظ البنك شكيب حبيشي ترأس اجتماعاً للبنك في عدن، حضره عدد من قياداته، لمتابعة «آخر المستجدات الخاصة بتنفيذ إجراءاته وقراراته الصادرة، الخميس الماضي، والرامية لمعالجة حالة انقسام العملة الوطنية والتشوهات في سعر صرف العملة» في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة والأخرى الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي الانقلابية.
وأعلن البنك المركزي في بيانه أن الإجراءات التي اتخذها جاءت «لقطع الطريق أمام الساعين لتقسيم العملة الوطنية وفرض واقع وجود سعرين مختلفين ووقف العبث بدخل المواطن، انطلاقاً من صلاحية البنك كسلطة لها الحق حصرياً، بإصدار العملة الوطنية بمختلف فئاتها، وتحديد شكلها وقيمتها بالتشاور مع الحكومة».
وبحسب البيان، استعرض نائب المحافظ جانباً من خطة البنك في سحب «أكبر قدر من الريال اليمني بالحجم الصغير» إلى خزائن البنك المركزي لخفض المعروض النقدي بالسوق لأدنى مستوى ممكن بهدف إبقاء مستوى النقد المتداول متوافقاً كمياً مع حاجة السوق له، للحد من أي آثار تضخمية وانعكاساتها السلبية على سعر صرف العملة».
وأوضح الحبيشي أنه «ضمن أدوات السياسة النقدية التي أقرها مجلس الإدارة مؤخراً في إطار عمليات السوق المفتوحة لتحقيق التوازن في العرض النقدي، يعتزم البنك قريباً الإعلان عن سندات وصكوك بمبلغ أربعمائة مليار ريال، إلى جانب محفزات أخرى لإعادة الدورة النقدية في النظام المصرفي».
كما أكد وجود توافق بين الحكومة والبنك المركزي على «اتخاذ خطوات جادة لتصحيح الاختلالات في المالية العامة للدولة من خلال ضبط تحصيل وتوريد الموارد العامة إلى البنك وتحسينها وترشيد النفقات، وذلك كهدف عام يشدد عليه البنك المركزي لتقليص العجز في مالية الدولة، وخفض الإصدار النقدي».
وكشف نائب المحافظ عن توزيع وحدات سحب خاصة من صندوق النقد الدولي سيحصل اليمن منها على حصة تعادل 550 مليون دولار من المنتظر أن يتم تخصيصها وتتاح الاستفادة منها في نهاية الشهر الحالي.
وأشار إلى وجود تزايد في الإيداعات من قبل مؤسسات دولية شقيقة في حسابات البنك بالنقد الأجنبي في الخارج، مقابل توفير نقد بالعملة المحلية لمقابلة مدفوعات هذه المؤسسات في اليمن، وهو ما سيعزز من احتياطيات البنك الخارجية من النقد الأجنبي، وقدرته على تغطية حاجات البلاد الأساسية من الخارج.
وشدد المسؤول اليمني على أن البنك مستمر في تطوير إمكانياته وقدرات كوادره وتوسيع إجراءاته الرقابية على سوق صرف النقد للدفاع عن قيمة العملة الوطنية وتحسين قيمتها. وقال إن «القيمة الحالية للريال ليست حقيقية ولا واقعية، وهناك خطوات مهمة سيتخذها البنك المركزي ضمن حزمة الإصلاحات في المنظومة المصرفية وسوق الصرف عموماً والتي ستعكس قريباً أثرها الإيجابي على قيمة العملة الوطنية».
وكان البنك المركزي اليمني أقر، الخميس الماضي، جملة تدابير في سياق مسعاه للسيطرة على تهاوي الريال اليمني أمام العملات الأجنبية وتوحيد سعر الريال في المناطق المحررة مع سعره في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية.
ومن تلك التدابير، أقر البنك ضخ العملة المحلية من فئة الألف ريال ذات الحجم الكبير إلى السوق وفي مناطق البلاد كافة، وتكثيف التداول بها في السوق ومعاودة تعزيز استخدامها في معاملات البيع والشراء النقدي، وبمستوى حجم تعامل أكبر.
كما أقر البنك، اتخاذ إجراءات منظمة لخفض حجم المعروض النقدي وإبقائه في المستويات المقبولة والمتوافقة كمياً مع حاجة السوق لها، وذلك بناءً على الدراسات التي أعدها الخبراء المختصون في البنك، للحد من أي آثار تضخمية، وانعكاسه سلباً على قيمة العملة المحلية في عموم السوق اليمنية ومختلف المناطق. وذكر البنك المركزي اليمني حينها أنه أقر إلزام البنوك ومؤسسات التحويل والصرافة خلال الفترة المقبلة بوقف فرض عمولات جزافية وغير واقعية للتحويلات الداخلية بين مختلف مناطق البلاد، بدواعي التمييز السعري بين فئات العملة المحلية الواحدة. وقال إن مخالفي هذه التوجيهات سيتعرضون لعقوبات مشددة.
وأضاف أن «معالجة التشوهات السعرية بالعملة الوطنية تأتي تنفيذاً لقرار مجلس إدارة البنك المركزي اليمني، بشأن معالجة حالة الانقسام في السوق الاقتصادية، والتشوهات التي أحدثها اختلاف سعر صرف العملة المحلية بذات الفئة الواحدة في المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطة الشرعية والأخرى خارجها».