قال وزير المالية العراقي علي علاوي أمس الخميس، إن العراق استأنف مؤخرا محادثاته مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، بعد أن أوقف في وقت سابق مثل هذه الجهود لتأمين السيولة.
وبدأت المحادثات بين صندوق النقد الدولي والعراق العام الماضي، وسط صدمة الطلب المرتبطة بالوباء والتي تسببت في انخفاض أسعار النفط، لكن تم تأجيل المناقشات مع تعافي أسواق الطاقة واحتياطيات البلاد من العملات الأجنبية. وتتطلع الحكومة الآن بشكل استباقي إلى الأمام للمساعدة في تغطية عجز ميزانيتها.
وقال علاوي للصحافيين في بغداد: "لا أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل نهاية هذا العام. مع اقتراب موعد الانتخابات الوطنية في 10 أكتوبر، سيتم تهميش الحكومة والبرلمان".
موازنة صعبة
بدأت وزارة المالية مشروع موازنة 2022 مع افتراض سعر النفط عند 50 دولارًا للبرميل، معتبرة أن هذا المستوى غير ثابت.
وأعلن وزير المالية العراقي أن موازنة 2022 التي شرعت الوزارة بإعدادها قبل أيام، ستكون ذات بعد إصلاحي فهي "تختلف عن الموازنات السابقة" وتعكس "واقع التزامات العراق".
وأوضح أن الوزارة سوف تسعى إلى رفع هذه الموازنة الجديدة إلى البرلمان قبل الانتخابات النيابية المبكرة المقررة في أكتوبر، مضيفاً أنها ستكون "موازنة إصلاحية لكن ربما ستكون صعبة سياسياً".
يلمح الوزير بذلك على الأرجح إلى صعوبة تمرير الميزانية الجديدة نظرًا لارتفاع قيمة العجز فيها مثلما حدث في الميزانية السابقة. ففي مقترح مشروع قانون موازنة 2021 الذي رفعته الحكومة للبرلمان قدّرت قيمة العجز بنحو 49 مليار دولار. لكن النواب قاموا بسدّ الفارق عبر إلغاء ديون ومستحقات على الدولة، لا سيما مستحقات الغاز والطاقة الإيرانية، ودفوعات أخرى للبنى التحتية.
وبلغت قيمة العجز في موازنة 2021 كما أقرها البرلمان 19.8 مليار دولار، مقابل 23.1 مليار في عام 2019، علماً أن العراق لم يقر موازنة 2020 بسبب التوتر السياسي.
وبلغت القيمة الإجمالية للإيرادات في موازنة 2021 نحو 69.9 مليار دولار، احتسبت بناء على تصدير النفط الخام على أساس سعر 45 دولاراً للبرميل، ومعدل تصدير 3 ملايين و250 ألف برميل في اليوم. أما قيمة موازنة 2021، فقد بلغت 89.7 مليار دولار، أدنى بنحو 30% من آخر موازنة أقرت عام 2019.
وأوضح وزير المالية أن سعر البرميل في الموازنة الجديدة سيكون 50 دولاراً، وهو رقم قابل للتعديل. إلا أن قيمة برميل النفط في السوق حالياً أعلى بكثير.
تدهور اقتصادي
يمر العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، بأسوأ أزماته الاقتصادية. فقد تضاعف معدل الفقر في البلاد خلال عام 2020، وصار 40% من السكان البالغ عددهم 40 مليوناً، مصنفين كفقراء وفق البنك الدولي، بينما خسر الدينار العراقي 25% من قيمته.
ويشكّل الفساد الذي كلّف العراق ما يساوي ضعفي إجمالي ناتجه الداخلي الإجمالي، أي أكثر من 450 مليار دولار، أبرز هموم العراقيين الذين يعانون من نقص في الكهرباء والمستشفيات والمدارس.
مع ذلك، قال الوزير إن الوضع المالي للعراق شهد تحسناً خلال العام الحالي بسبب "ارتفاع سعر النفط وتغيير سعر صرف الدينار".
وفيما يتعلق بالنفط، يرى علاوي أن مستويات الأسعار الحالية جيدة للمنتجين ومتوازنة للمستهلكين. وبالنظر إلى المستقبل، فإنه يتوقع أن المعركة القادمة في أوبك لن تكون حول الأسعار، ولكن حول من الذي يصدر أكثر، وإذا عزز جميع الأعضاء الصادرات، فإن الأسعار ستعاني بالتأكيد.
وأعرب الوزير عن أسفه لانسحاب شركة إكسون موبيل من مشاريع الطاقة في البلاد، لكنه قال إنه يوافق على أن الشركة يجب أن تلتزم بسياساتها.
ومن المتوقع أن يوقع العراق اتفاقية مع شركة Total Energies SE قبل انتهاء ولاية الحكومة الحالية، على الرغم من أن إتمام العقد قد يمتد إلى الإدارة المقبلة، بحسب علاوي.
في 25 يوليو، وافق مجلس الوزراء العراقي على منح شركة Total Energies SE عقد تطوير حقل غاز طبيعي، وسمح لها بالمساعدة في تعزيز إنتاج النفط في البلاد. وتهدف شركة الطاقة الفرنسية إلى جمع ومعالجة 600 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز يومياً من حقل رطاوي، بحسب الحكومة.
وبالنسبة للاتفاقية التي وقعها العراق مع لبنان الشهر الماضي لتصدير مليون طن من زيت الوقود الثقيل سنويا – يتم دفع ثمنها عبر الخدمات والسلع – قال علاوي إن العراق سيتطلع للاستفادة من الخبرات اللبنانية في مجالات البنوك والتعليم والسياحة.