واصلت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران فرض التدابير الانقلابية التي تكرس فصل شمال اليمن عن جنوبه، في سياق سعي الجماعة لرسم ملامح كيان طائفي في الشمال، إذ أقرت استحداث مكاتب للجوازات في المنافذ البرية الرابطة بين المناطق المحررة في الجنوب ومناطق سيطرة الجماعة شمالا.
ويفهم من هذه التدابير أن الجماعة تعمل حرفيا على تطبيق مقولة زعيمها عبد الملك الحوثي الذي كان أكد قبل اجتياح صنعاء بأن ميليشياته ستسعى للسيطرة على الشمال والقتال ما استطاعت في الجنوب.
التدابير الحوثية الجديدة جاءت في تعميم موجه من وزارة النقل في حكومة الانقلاب التي يديرها القيادي عامر المراني وهو أحد عناصر جهاز المخابرات الحوثية الذي تلقى تدريباته على يد الحرس الثوري و«حزب الله» اللبناني، إلى شركات النقل الجماعي المحلية والدولية وشركات تأجير السيارات.
وورد في التعميم أن مصلحة الجوازات التي تديرها الميليشيات استحدثت مكتبين في المنفذين الوحيدين اللذين يربطان الشمال مع مناطق سيطرة الحكومة الشرعية في منطقة عفار في محافظة البيضاء، ومنطقة الراهدة في محافظة تعز، حيث طلبت من شركات النقل إعداد قوائم بالمسافرين ذهابا أو عودة مع جوازات سفرهم وتسليمها إلى تلك المكاتب قبل السماح لهم بدخول مناطق سيطرة الميليشيات أو مغادرتها.
التعميم الجديد ألزم هذه الشركات بإضافة حقول جديدة إلى قوائم المسافرين التي يتم الموافقة عليها قبل 24 ساعة على تحرك الحافلة أو السيارة، تحدد هذه الحقول نقطة انطلاق المسافر ونقطة وصوله، بهدف مراقبة حركة السكان ومعرفة أين سيتجهون ومن أين أتوا. ومنعت الجماعة في تعميمها الجديد تحرك سائقي الحافلات من مناطق سيطرة الميليشيات إلى مناطق سيطرة الحكومة إلا بعد حصولهم على تأشيرة مغادرة أو خروج وعودة، أو على تصريح رسمي من قبلها بهذا الشأن وهي خطوة ترسم ملامح إقامة كيان طائفي في شمال البلاد.
هذه الخطوة أتت بعد فترة من إغلاق ميليشيات الحوثي للطرق الأساسية التي تربط محافظات البلاد الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية والمناطق الخاضعة للجماعة، ومن ثم استحداث منافذ جمركية في مناطق التماس، تقوم من خلالها بفرض رسوم جمركية أخرى غير تلك التي يدفعها المستوردون في موانئ الوصول الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، بما فيها المساعدات الغذائية والأدوية مع أنها معفية من أي رسوم ضريبية.
وإلى جانب ذلك أقدمت الميليشيات على تقسيم العملة الوطنية بين طبعة قديمة سمحت بتداولها وطبعة جديدة منعت التعامل بها وأوجدت سعرين مختلفين لهذه العملة مقارنة بالعملات الأجنبية.
ورأى سكان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الإجراء الجديد لميليشيات الحوثي «يعني أن المواطن اليمني لن يكون بمقدوره التنقل بالبطاقة الشخصية ولكن سيكون ملزما بالحصول على تأشيرتي دخول إلى بلده، الأولى من مطار الوصول، والثانية في منفذ الحوثي الذي يقول السكان إنه بات يكرس الانفصال والطائفية والانقسام الاجتماعي وهو أسوأ ما عرفه اليمن واليمنيون خلال قرون من الزمن».
وكان زعيم الميليشيات وقبل اجتياح صنعاء أبلغ الوسطاء الذين حذروه من مغامرة الانقلاب على الشرعية أن ميليشياته ستبسط سيطرتها على شمال اليمن، وستستمر تقاتل على الجنوب بقدر استطاعتها.