في لبنان الذي يشهد انهياراً اقتصادياً متسارعاً منذ عامين، يصدر كل يوم تقريباً تحذير من قطاع ما. فالمستشفيات تحذر من نفاد المحروقات اللازمة لتشغيل المولدات وسط انقطاع التيار الكهربائي ومخاطره على حياة المرضى، والصيدليات تنفذ إضرابات بسبب انقطاع الأدوية، والمتاجر قد تضطر لإفراغ براداتها لعدم توافر الكهرباء والوقود.
أما اليوم فوصلت الأزمة للغاز المنزلي، حيث انتظر عشرات اللبنانيين منذ صباح الثلاثاء في طوابير طويلة لتعبئة قوارير الغاز المنزلي وسط تحذيرات أطلقها موزعون من احتمال انقطاعها كما غيرها من مواد رئيسية.
"المخزون يكفينا أسبوعاً"
وحذر رئيس نقابة العاملين والموزعين في قطاع الغاز فريد زينون من انقطاع قوارير الغاز المنزلي خلال أسبوع، إذا لم يدفع المصرف المركزي الاعتمادات اللازمة للمستوردين. وقال لوكالة فرانس برس إن "المخزون الحالي يكفينا أسبوعاً، وإذا لم تحل المشكلة ستباع قوارير الغاز في السوق السوداء".
يشار إلى أن سعر قارورة الغاز المنزلي يبلغ حالياً حوالي 60 ألف ليرة (40 دولاراً بحسب السعر الرسمي). ومن المرجح أن يتخطى سعر القارورة 100 ألف ليرة في السوق السوداء.
كما يساوي الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة، أي ما يعادل 450 دولاراً قبل الأزمة و30 دولاراً اليوم بحسب سعر الصرف في السوق السوداء. ويحصل غالبية اللبنانيين على أجورهم بالعملة المحلية.
الأسوأ في العالم
وجراء الانهيار الاقتصادي الذي صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي، قدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قبل أيام أن 78% من السكان باتوا يعيشون في الفقر، فيما يعيش 36% في فقر مدقع.
إلى ذلك تشهد البلاد منذ أسابيع طويلة، مع نضوب احتياطي الدولار لدى المصرف المركزي وتأخره في فتح اعتمادات للاستيراد، شحاً في مواد رئيسية عدة بينها الوقود والأدوية.
لا اعتمادات
وأوضح زينون أن "سبب الشح الحالي بالغاز المنزلي هو عدم فتح اعتمادات من قبل المصرف المركزي"، لافتاً إلى أن باخرة محملة بخمسة أطنان تنتظر منذ 17 يوماً في المياه الإقليمية، غير أنها لم تحصل على موافقة حتى الآن.
وفي صيدا (جنوبا)، انتظر العشرات منذ الصباح لساعات عدة أمام إحدى شركات توزيع الغاز المنزلي لتعبئة قواريرهم. وفي عكار شمالاً، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية بأن شركات توزيع الغاز المنزلي تشهد "زحمة غير مسبوقة".
كما نقلت الوكالة عن وليد الحايك، صاحب شركة توزيع في إحدى البلدات قوله إن "الشركات المستوردة توقفت عن توفير حاجاتنا من الغاز"، مشيراً أيضاً إلى تأخر المصرف المركزي في فتح الاعتمادات اللازمة.
وقد اعتاد اللبنانيون على مشهد الطوابير، إذ ينتظرون لساعات أمام محطات الوقود التي اعتمدت سياسة تقنين حاد في توزيع البنزين والمازوت. وتطور الاكتظاظ في مناطق عدة إلى إشكالات وحتى إطلاق نار. وقد قتل 3 أشخاص الاثنين في إشكالين منفصلين بسبب خلاف على شراء الوقود أمام المحطات.