بدأت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران هذا الأسبوع في إعداد قوائم بالمغتربين اليمنيين والمعارضين المقيمين في الخارج بالتزامن مع جمع تفاصيل عن المساعدات التي تقدم لأقاربهم في الداخل، حيث طلبت من مسؤولي الأحياء والقرى معلومات مفصلة عن أماكن اغترابهم ومعرفة المؤيدين منهم والمعارضين لسلطتها الانقلابية.
قادة الجماعة في المحافظات والمديريات أمروا مسؤولي الأحياء والقرى بإعداد قوائم بكل المقيمين خارج البلاد من أبناء الحي أو القرية تتضمن إلى جانب الأسماء كاملة، ومكان الاغتراب وعنوانه وسنوات الاغتراب، مع توضيح ما إذا كان من الموالين للميليشيات أم من المعارضين لها، وعما إن كان يرسل تبرعات أو أموالًا لأقاربه أو مساعدات للأسر المحتاجة في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد، وفق مصادر متعددة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية ذكرت لـ"الشرق الأوسط" أن الميليشيات أبلغت مسؤولي الأحياء والقرى أن هذه الخطوة تهدف إلى معرفة المغتربين الذين يدعمون الحكومة المعترف بها دولياً أو يؤيدون تحالف دعم الشرعية.
وتلعب التحويلات التي يرسلها المغتربون دوراً في المساعدات والعمل التعاوني بأكثر من منطقة ريفية يمنية، حيث تعتمد كثير من المناطق على أبنائها في الخارج إما لإصلاح الطرقات أو التبرع برواتب للمعلمين بعدما أوقف الحوثيون رواتبهم، وهو الأمر الذي يقول محليون إنه "أزعج سلطات الانقلاب" إذ ترى أنه يمس بسلطتها لصالح القوى المناهضة لها "بل ويشكل عدم اعتراف من السكان بها، خصوصاً مع تفرغ قادتها لجمع الأموال والجبايات المتعددة دون أن تقدم أي خدمات أو تقوم بواجباتها تجاه السكان".
ووصفت مصادر في الحكومة اليمنية الخطوة بأنها امتداد للإجراءات القمعية وسياسة التنكيل المتبعة مع السكان الواقعين تحت سلطة الميليشيات، إذ تسعى الجماعة من وراء هذا العمل إلى ابتزاز المغتربين عن طريق أقاربهم أو تهديدهم بمصادرة ممتلكاتهم بحجة تأييدهم للشرعية.
ونبهت المصادر إلى تسجيل حوادث مشابهة وقعت مع مغتربين يمنيين في الولايات المتحدة تحديداً، حيث يهددهم المؤيدون لميليشيات الحوثي بمعاقبة أقاربهم أو مصادرة ممتلكاتهم في الداخل إذا لم يتبرعوا لصالح الأنشطة التي يقومون بها أو لم يشاركوا في تلك الفعاليات المناهضة للحكومة الشرعية.
وقال مسؤول حكومي رفيع لـ"الشرق الأوسط" "هذه الخطوة تهديد واضح لسلامة وممتلكات مئات الآلاف من المعارضين للميليشيات والذين يعيشون في بلدان عديدة بعد أن تركوا البلد خوفاً من القمع والاعتقال الذي طال الآلاف ممن فضلوا البقاء في الداخل".
ولم يستبعد المسؤول أن تصبح الأسر والأقارب أداة لميليشيات الحوثي للضغط على المغتربين وحتى المعارضين لدفع جبايات مضاعفة لضمان عدم تعرض أقاربهم لأي أعمال عنف أو لضمان عدم مصادرة ممتلكاتهم من بيوت وأراضٍ أو مشاريع صغيرة يديرها أقاربهم.
وبحسب المسؤول اليمني فإن هناك بعض الشخصيات رضخت في السابق لمثل هذه الممارسات، حيث تقوم بدفع مبالغ كبيرة لشخصيات في قيادة الميليشيات حتى تضمن عدم مصادرة ممتلكاتها، خصوصاً أولئك الذين يمتلكون عدة مبانٍ أو منشآت استثمارية، باعتبار ذلك الطريق الوحيد للحفاظ على ممتلكاتهم على حد تعبير المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه لحساسية الأمر.
ورغم تخلي سلطة الميليشيات عن التزاماتها تجاه السكان في مناطق سيطرتها فإن العمل التعاوني شهد ازدهاراً غير مسبوق حيث أدت التبرعات التي يجمعها المغتربون إلى إصلاح وشق طرق ريفية متعددة وفي مناطق شديدة الوعورة، كما تمكنت العديد من المدارس في الأرياف من استئناف العمل بعد أن وفرت التبرعات رواتب شهرية للمعلمين.
إلى ذلك، أسهمت تحويلات المغتربين لأقاربهم في تغطية احتياجات قطاع عريض من السكان وهو ما جعل الميليشيات تنتفض وتذهب نحو هذه الخطوة خصوصاً بعد أن تم تقييد قدرتها على التلاعب بالمساعدات الغذائية المقدمة من برنامج الغذاء العالمي.