مع استمرار أزمة الوقود في لبنان منذ أشهر، وتفاقمها بشكل دراماتيكي خلال الأيام الماضية، تصاعدت المخاوف في البلاد من "قنابل موقوتة" متمثلة بمواد البنزين والمازوت المخزنة في المباني السكنية أو بالقرب منها، وذلك بعد أيام على كارثة انفجار خزان للوقود في قرية التليل في منطقة عكار شمالا والتي أوقعت أكثر من مئة قتيل وجريح.
فبعد ثلاثة أيام من المداهمات المكثفة، أعلن الجيش اللبناني أنه صادر أكثر من 4 ملايين لتر من البنزين و2.2 مليون لتر من المازوت، وفرض بيع غالبيتها في السوق، بعد اكتشافها داخل مخازن إسمنتية أو حديدية أو براميل بلاستيكية، ما يظهر حجم الخطر الذي يتهدد المدنيين.
خطر قاتل بين البيوت
وفيما تستمر عمليات المداهمة، ارتفعت التحذيرات من ذلك الخطر القاتل الكامن بين البيوت والمدنيين.
فقد ناشد بعض رؤساء البلديات "القوى الأمنية الإسراع في إفراغ الكميات الهائلة من الوقود المخزن تحت منازل السكان تلافيا لتكرار كارثة التليل" في عكار.
فيما قال الصحافي المتخصص في القضايا البيئية مصطفى رعد لوكالة أسوشييتد برس الخميس: "إن "تخزين مادتي البنزين والمازوت في المنازل هو بمثابة إخفاء قنبلة موقوتة بين منازل الناس الآمنين، لاسيما أن تلك المنازل غير مجهزة ضد الحرائق، فضلا عن سرعة تفاعل هذه المواد مع الأوكسجين الذي يعزز سرعة امتداد الحريق إلى كامل المنزل والطوابق السكنية".
تجار السوق السوداء
يذكر أن لبنان يعاني منذ أشهر نقصا حادا في الوقود، ما دفع العديد من المواطنين إلى تخزين البنزين أو المازوت في بيوتهم أو غرف ومستودعات تحت منازلهم في عبوات بلاستيكية وفي ظروف غير آمنة، فيما نشط تجار السوق السوداء على مستوى أكبر من خلال تخزين كميات كبيرة من هذه المواد في مواقع مختلفة في كل أنحاء البلاد، وأحيانا كثيرة في مناطق مأهولة بالسكان، طمعا ببيعها بأسعار أعلى بكثير من السعر الرسم، أو تهريبها إلى سوريا.
ووصلت الأزمة المستمرة منذ عامين إلى نقطة حرجة الأسبوع الماضي مع نقص الوقود المستورد، ما أجبر المستشفيات والمخابز والخدمات الأساسية الأخرى على تقليص أو إغلاق أبوابها.
وسط كل تلك الأزمات المعيشية، تستمر الطبقة الحاكمة في سياسة المحاصصة بتشكيل الحكومة على الرغم من كافة التحذيرات الدولية، ودعوات المجتمع الدولي إلى الإسراع في تشكيل حكومة تبدأ فعليا بإجراء إصلاحات ملموسة، تخفف من معاناة الشعب الذي بات أكثر من نصفه تحت خط الفقر.