في ضوء غياب القوات الأميركية ورحيل الشركاء الذين يمكن التعويل عليهم وإفراغ السجون من نزلائها من المتطرفين وإمساك حركة طالبان بزمام الأمور، صرح 6 مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين لرويترز أن الشكوك بدأت تتزايد داخل إدارة الرئيس جو بايدن في قدرة واشنطن على منع عودة تنظيم القاعدة وغيره من المتطرفين في أفغانستان.
يشار إلى أن قوات الأمن الأفغانية التي ساعدت الولايات المتحدة في تدريبها كانت تهاوت عندما سيطر مقاتلو طالبان على أفغانستان بأقل من أسبوعين، فلم يتبق للولايات المتحدة شركاء يعتد بهم على الأرض. وقال مسؤول بوزارة الدفاع الأميركية طلب الحفاظ على سرية هويته: "لسنا في وضع طيب".
عدم وضوح الرؤية
وقبل أسابيع قليلة من الذكرى السنوية العشرين لهجمات تنظيم القاعدة في 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة يمثل عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بتهديدات المتطرفين احتمالاً مفزعاً للمسؤولين. وكانت قوات تعمل بقيادة أميركية قد أطاحت بحركة طالبان في 2001 لإيوائها مسلحي تنظيم القاعدة، الأمر الذي كان بداية لأطول حرب تخوضها الولايات المتحدة.
إلى ذلك أدى رحيل القوات الأميركية الذي أمر به بايدن بحلول 31 أغسطس الحالي وما أعقبه من انهيار قوات الأمن الأفغانية إلى تجريد وكالة المخابرات المركزية الأميركية وغيرها من مؤسسات التجسس من الحماية، الأمر الذي أرغمها على إغلاق قواعدها وسحب العاملين فيها.
لا اعتماد على الدول المجاورة
كما أضاف المسؤولون أن إدارة بايدن لا يمكنها الاعتماد على الدول المجاورة لأنها عجزت حتى الآن عن إبرام اتفاقات بشأن قواعد لقوات مكافحة الإرهاب والطائرات المسيرة الأميركية.
وأدى ذلك إلى اعتماد واشنطن على تنظيم عمليات لمكافحة الإرهاب من قواعد أميركية في المنطقة والتعويل على التزام حركة طالبان باتفاق تم التوصل إليه في 2020 لسحب القوات الأميركية، وذلك في وقف هجمات المتطرفين على الولايات المتحدة وحلفائها.
غير أن هذا مسعى باهظ الكلفة. فقد أوضح المسؤولون أن تسيير طائرات عسكرية من الشرق الأوسط أقرب المراكز العسكرية الأميركية لواشنطن في المنطقة قد يكلفها في النهاية أكثر مما كلفها وجود 2500 جندي في أفغانستان حتى وقت سابق من العام الحالي.
خطر على الأراضي الأميركية
يذكر أن القادة العسكريين الأميركيين كانوا قدروا في يونيو أن جماعات مثل تنظيم القاعدة قد تشكل خطراً من أفغانستان على الأراضي الأميركية في غضون عامين. غير أن المسؤولين قالوا إن سيطرة طالبان على الوضع تفرغ هذا التقدير من مضمونه.
من جهته قدر نيثان سيلز منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية حتى يناير الماضي أن القاعدة ستستغرق الآن ستة أشهر لاستعادة قدرتها على تنفيذ عمليات خارجية.
وفي حين أكدت طالبان الالتزام بتعهداتها بمنع تنظيم القاعدة من التخطيط لهجمات دولية من أفغانستان فقد شكك خبراء في هذا التعهد. وأعرب دانييل هوفمان الرئيس السابق لعمليات وكالة المخابرات المركزية السرية في الشرق الأوسط عن شكه في تقييد طالبان لتنظيم القاعدة، مشيراً إلى علاقاتهما القديمة واشتراكهما في أيديولوجيات واحدة.
بلبلة بعد تصريحات بايدن
وكان بايدن قد أعلن أن الولايات المتحدة ستراقب الجماعات المتطرفة في أفغانستان عن كثب ولديها القدرة على تتبع التهديدات المتزايدة وتحييدها. لكنه حاد عن الصواب عندما قال الأسبوع الماضي إن تنظيم القاعدة لم يعد موجوداً في البلاد، ما أثار حالة من البلبلة بين المسؤولين الأميركيين.
بدوره أوضح جيك سوليفان مستشار بايدن للأمن القومي أن الرئيس كان يشير إلى قدرة التنظيم على مهاجمة الولايات المتحدة من أفغانستان.
وتقول سلسلة من تقارير الأمم المتحدة إن مئات من مقاتلي القاعدة وكبار قياداتها لا يزالون في أفغانستان تحت حماية طالبان.