قال رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، إنه يسعى إلى ألا تلقى بلاده مصير الكثير من دول المنطقة التي واجهت صعاباً وتحديات في تجارب الانتقال أدت إلى انهيارها، داعياً السودانيين إلى ألا يسمحوا بإجهاض المرحلة الانتقالية، وأن يعملوا على أن تصل إلى غاياتها بتحقيق أهداف ثورة الشعب السوداني.
وأضاف حمدوك، لدى مخاطبته الاجتماع الأول للآلية الوطنية لإنفاذ مبادرته حول الانتقال الديمقراطي، بقاعة «الصداقة» بالخرطوم، أمس، أنه لم يجرِ بشكل واضح أو مباشر مشاورات مع «العسكريين»، لكنهم على اطلاع بكل تطورات المبادرة، مشيراً إلى أنه التقى رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان «حميدتي» وتمت المناقشة حول مهام المبادرة، وأشارا عليه بضرورة تضمين قضايا التحول الديمقراطي وكيفية مواجهتها.
وقال إن الحوار والتشاور مع المكون «العسكري» في السلطة الانتقالية سيستمران، لأن دوره مهم ومطلوب من أجل إكمال مرحلة الانتقال والوصول إلى اتفاق حول محاور المبادرة وليس الإصلاح الأمني والعسكري فقط.
وأكد رئيس الوزراء السوداني أن آلية إنفاذ المبادرة، هي آلية مؤقتة لإنجاز مهام محددة في فترة شهرين، ولا تمثل حاضنة سياسية جديدة أو حزباً وكتلة سياسية، ولا بديلاً للمجلس التشريعي أو «الحرية والتغيير» الائتلاف الحاكم. ودعا السودانيين بمختلف أطيافهم السياسية ومكوناتهم الاجتماعية إلى بذل كل جهد للحفاظ على ما سمّاها «التجربة السودانية الفريدة نحو الانتقال الديمقراطي».
وأوضح أن الأزمة الوطنية الشاملة في البلاد طابعها سياسي موروث من الاستقلال، بجانب قضايا أخرى طرحت نفسها في السنوات الأخيرة بعد الثورة، وأن «بلادنا لن تنجح في الانتقال من هذه المرحلة إلى الحكم المدني الديمقراطي إلا بمواجهة هذه القضايا بكل شجاعة ووضوح». وقال إن الهدف الرئيسي من المبادرة تجميع قوى الثورة في كتلة موحدة لدعم وإنجاز الانتقال. وقطع حمدوك أنه «لا تراجع ولا نكوص عن أهداف ومبادئ الثورة، ولا رجعة للنظام القديم ولا تصالح معه». من جانبه، قال رئيس الآلية، فضل الله برمة ناصر، إن المبادرة الوطنية تأتي في ظرف دقيق وحرج تمر به البلاد، وهي تمثل فرصة أخيرة وطوق نجاة لتجنيب البلاد الانزلاق نحو الفوضى التي تشهدها بعض البلدان من حولنا. وأكد ناصر، وهو رئيس مكلف لحزب الأمة القومي السوداني، أن الآلية لن تغفل أو تتجاهل الآراء الناقدة لتنفيذها ولطبيعة مهامها وفرص نجاحها، وستعمل على الاستفادة بخصوصها في تجويد أدائها لمراجعة كل ما يتصل بها للخروج بأفضل صيغ ونتائج تمكنها من إنجاز مهمتها الوطنية العظيمة.
وقال: «أمامنا أقل من 60 يوماً لإنجاز مهمة كبيرة، نتطلع من خلالها لبناء أوسع كتلة تاريخية تؤسس لمشروع وطني رائد يلتف حوله الشعب السوداني».
وأضاف: «نريد مشروعاً يقوم على ركائز دولة مدنية ديمقراطية على مبدأ المواطنة، إنها مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، لو استلهمنا روح ثورة ديسمبر (كانون الأول) المجيدة».
وتضم الآلية الوطنية (71) عضواً من قادة الأحزاب السياسية والإدارات الأهلية والطرق الصوفية ومنظمات المجتمع المدني، بغرض إجراء حوار ونقاشات موسعة لتحقيق أكبر قدر من التوافق بين مكونات المجتمع السوداني حول قضايا البناء والانتقال الديمقراطي.
وأطلق رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، في يونيو (حزيران) الماضي، مبادرة لمواجهة الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال، تحت مسمى «الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال – الطريق إلى الأمام»، تشمل 7 محاور رئيسية؛ أبرزها توحيد مراكز القرار داخل السلطة الانتقالية، ووقف الانقسام بين قوى الثورة وفي أوساط القوى العسكرية، وإزالة التوترات الأمنية والاجتماعية، وتصفية تمكين نظام «الإسلاميين»، وحل الأزمة الاقتصادية، والالتزام بتنفيذ اتفاق السلام، وإصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية، بجانب تحقيق العدالة الانتقالية.