اتسعت مؤخرا دائرة الاحتجاجات اليمنية المنددة بفساد وقمع الميليشيات الحوثية، على خلفية تردي الخدمات ونهب الأراضي والتلاعب بأسعار الوقود وإخفاء المختطفين في أكثر من محافظة خاضعة للجماعة الانقلابية المدعومة من إيران.
ووسط قمع الجماعة واستخدامها القوة المفرطة ضد مناوئيها، قالت مصادر محلية إن التظاهرات التي شهدتها بعض المدن طوال العشرة الأيام الماضية تنوعت أسبابها بين مطالب بتوفير غاز الطهي ووقف جرائم الفساد والسطو والإهمال والكشف عن مصير المدنيين المختطفين والمعتقلين لدى الجماعة.
ففي صنعاء العاصمة خرج العشرات من اليمنيين قبل ثلاثة أيام للاحتجاج ضد ممارسات الجماعة ولجنتها العسكرية المستحدثة التي سطت على عقاراتهم ومنازلهم، وذلك بالتزامن مع تحضيرات تجريها حاليا أسر مختطفين لدى الميليشيات في صنعاء لتنفيذ تظاهرات تطالب بالكشف عن مصير أبنائها. وفق ما أفادت به مصادر في صنعاء لـ«الشرق الأوسط».
وبحسب شهود عيان، فقد رفع المشاركون في المسيرة التي جابت شوارع عدة وصولا إلى مكتب حكم الانقلابيين في صنعاء لافتات تحمل عبارات استنكار واحتجاج على قيام اللجنة الحوثية بالسطو على عقاراتهم ومنازلهم وانتهاكها لحقوق أبناء منطقة سعوان شرق العاصمة. وقال مشاركون بالتظاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة استحدثت اللجنة التي يقودها القيادي الحوثي المدعو أبو حيدر جحاف كواقع بقوة السلاح من أجل مواصلة فسادها وسطوها المنظم على الأراضي والعقارات.
وأفادوا بأنه لا يمكن لأي جهة منع الاعتداءات الحوثية بحق ممتلكاتهم لعدم وجود قضاء داعم للقانون عدا ذلك الخاضع تحت قبضة وإدارة الجماعة والذي سخرته في سبيل تنفيذ مخططاتها واستمرار فسادها وجرائمها بحق اليمنيين. وسبق هذه التظاهرة بأيام قيام رابطة أمهات المختطفين في صنعاء بتنفيذ وقفة احتجاجية أمام المفوضية السامية لحقوق الانسان بالعاصمة تنديدا بإقدام الانقلابيين على قتل المواطن محسن علي القاضي بإطلاق النار عليه في سجنه بذمار بعد شهرين من اختطافه. وقالت الرابطة في بيان، إن الجماعة اختطفت القاضي 38 عاما من منزله مطلع أبريل (نيسان) من العام الماضي وأخفته طوال فترة احتجازه. لافتة إلى عدم علم أسرته بذلك حتى تلقيها نبأ مقتله بسجون الجماعة. وأضافت أن الجثة كانت موجودة بثلاجة مستشفى ذمار منذ قرابة العام، قائلة إن الجماعة سلمت الجثة للعائلة أواخر يوليو (حزيران) الماضي، مشترطة عدم معاينتها ودفنها بصورة مباشرة.
واستنكرت الوقفة جريمة قتل الجماعة للقاضي، إضافة إلى جرائمها المتعددة والمرتكبة بحق اليمنيين المختطفين والمخفيين قسراً. وكشفت عن أن عدد القتلى من المدنيين تحت التعذيب والتصفية الحوثية الجسدية بلغ أكثر من 88 شخصا. مؤكدة أن تلك الجرائم وغيرها لا تسقط بالتقادم.
وفي محافظة ذمار (100 كم جنوب صنعاء) تحدثت مصادر محلية في المحافظة عن استمرار الاحتجاجات بشوارع المدينة لليوم الثالث تنديدا بأزمة انعدام الغاز المنزلي المفتعلة حوثيا والتي تعيشها المحافظة منذ أسابيع.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن العشرات من أبناء ذمار نظموا ثلاث وقفات احتجاجية أمام مركز المحافظة ومكتبة البردوني للتنديد بانعدام الغاز في السوق المحلية وتوافرها في السوق السوداء التابعة لقيادات حوثية بأسعار باهظة. وطالب المحتجون بوقف عمليات الاستيلاء التي تتعرض لها حصة المحافظة من غاز الطهي من قبل قيادات حوثية نافذة في ذمار هدفها الوحيد الثراء على حساب حرمان السكان.
وفي سياق ذلك، نقلت تقارير محلية تصريحات منسوبة لمصدر في شركة الغاز بذمار، قوله إن المحافظة تتحصل على حصتها الرسمية من المادة إلا أن قيادات حوثية تقوم بالتلاعب بها وأخذ كميات كبيرة منها لصالحها وبيعها للمواطنين في السوق السوداء بأسعار مضاعفة تصل إلى 12 ألف ريال للأسطوانة (الدولار حوالي 600 ريال).
إلى ذلك، نفذ العشرات من المواطنين بمحافظة إب (170 كم جنوب صنعاء) وقفة احتجاجية أمام مبنى المحافظة رفضا لقرار مكتب الأشغال العامة الخاضع تحت سيطرة الجماعة في إب، المتعلق برفع رسوم التراخيص بنسبة 500 في المائة وسط فساد وتلاعب حوثي متعمد وغير مسبوق في الشوارع والمخطط العام للمدينة وبقية مديريات المحافظة.
وذكر شهود لـ«الشرق الأوسط»، أن المشاركين من السكان وملاك سيارات ومحال تجارية وغيرهم شكوا خلال مسيرتهم تلك التي قمعتها وفرقتها الجماعة لحظة انطلاقها، من الدمار الحاصل للشوارع ومن تهالك المادة الإسفلتية، في ظل غياب صيانة الطرق وزيادة الجبايات والإتاوات الحوثية وانعدام لكل الخدمات الأساسية.
ولفت السكان إلى الإهمال والتدهور غير المسبوق الذي ما تزال تشهده محافظتهم بكل الجوانب في ظل استمرار حكم وسيطرة الميليشيات.
وكانت مناطق عدة تحت سيطرة الحوثيين، وكلاء إيران في اليمن، شهدت على مدى السنوات القليلة عشرات التظاهرات والوقفات الاحتجاجية الغاضبة المنددة بفساد وجرائم الجماعة.
وفي شهر أغسطس (آب) من العام الماضي اندلعت موجة تظاهرات ووقفات احتجاجية واسعة ضد الانقلابيين، في كل من أمانة العاصمة، ومحافظات إب وذمار وصنعاء وتعز وحجة والبيضاء وريمة وغيرها، نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية للسكان وتفشي الفساد وارتفاع منسوب الجرائم والانتهاكات، كالاختطافات والتعذيب والقتل والنهب، والعبث المنظم بكل مقومات الدولة، وتدخلات الجماعة المباشرة في صلاحيات القضاء، وغيرها من التجاوزات الأخرى.
وأحصت المصادر حينها تنظيم ما يزيد على 65 عملية إضراب وتظاهرة ووقفة احتجاجية مجتمعية متنوعة، مناوئة لسياسات وجرائم الميليشيات الحوثية خلال الشهر ذاته.