بعد السيطرة على أفغانستان، تعهدت طالبان بأن تكون عضوًا مسؤولاً في المجتمع الدولي لا يشكل تهديدًا لأمن أي بلد. ومع ذلك، أدى انتصار الحركة الإسلامية في أفغانستان إلى إبراز أذرعها الراديكالية وهي "شبكة حقاني". وبعد أن نفذت أكثر الهجمات دموية في الحرب التي استمرت 20 عامًا، تم تصنيف الشبكة على عكس حركة طالبان على أنها منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة منذ عام 2012.
وترتبط الشبكة ارتباطًا وثيقًا بالقاعدة، وتشارك منذ عقود في احتجاز رهائن غربيين، وتحتجز حاليًا مواطنًا أميركيًا واحدًا على الأقل، وفقًا للمسؤول الأميركي، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" Wall Street Journal.
ويشعر الخبراء الذين تابعوا المجموعة لسنوات بالقلق من أن توطيد قوتها سيرفع من مخاطر من الإرهاب العابر للحدود الذي كان السبب في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001.
ومنذ استيلاء طالبان على كابل، اتبعت "شبكة حقاني" المراوغة كالعادة، ولعبت دورًا عامًا في العاصمة الأفغانية. وخاطب خليل حقاني شقيق مؤسس المجموعة جلال الدين المصلين علانية في مسجد "بول خيشتي" في كابل الأسبوع الماضي – على الرغم من مكافأة أميركية قدرها 5 ملايين دولار على رأسه.
وجنبا إلى جنب مع ابن أخيه أنس حقاني، الذي أمضى 4 سنوات في الحجز في قاعدة باغرام الجوية، التقى خليل بالرئيس السابق حامد كرزاي وكبير مفاوضي السلام للجمهورية التي سقطت عبدالله عبدالله لإجراء محادثات حول حكومة أكثر شمولية يمكن أن تحظى باعتراف دولي.
وعمل الزعيم الفعلي للشبكة سراج الدين حقاني بشكل وثيق مع مساعدي أسامة بن لادن ومقاتلي القاعدة في أفغانستان، وفقًا للملفات التي تم العثور عليها في مجمع بن لادن في باكستان. واليوم سراج الدين هو القائد العسكري لطالبان وقد تم تكليف قواته بمسؤولية الأمن في كابل.
وتعهدت طالبان في اتفاق الدوحة المبرم في فبراير 2020 مع الولايات المتحدة بأن أفغانستان لن تستضيف مرة أخرى الجماعات الإرهابية الدولية مثل القاعدة. وبرر الرئيس بايدن الانسحاب الأميركي بالتشديد على استئصال القاعدة من أفغانستان.
ويتهم المسؤولون الأفغان "شبكة حقاني" منذ سنوات بتسهيل الهجمات المميتة على المدنيين من خلال تزويد الفرع المحلي لتنظيم داعش بالمساعدة الفنية والوصول إلى الشبكات الإجرامية في كابل، على الرغم من أن تنظيم داعش وحركة طالبان الرئيسية أعداء لدودين. وتشمل هذه الهجمات هجومًا شنه مسلحون على جناح للولادة في كابل في مايو 2020 أسفر عن مقتل 24 شخصًا، معظمهم من النساء والأطفال.
وفي المطار، تلعب وحدة بدري 313، وهي وحدة نخبوية تابعة لحركة طالبان، دورًا بارزًا بشكل خاص. إنهم من بين أفضل القوات المدربة والمجهزة العاملة داخل أفغانستان، ونشرت طالبان لقطات لمقاتليها وهم يحرسون المطار، وهم يرتدون معدات تكتيكية متطورة ويحملون أسلحة حصل عليها الأميركيون – على مرأى من مشاة البحرية الأميركية.
لكن "شبكة حقاني" لديها قوة تسمى "جيش البدري"، والتي يعتقد بعض المسؤولين الأميركيين أنها مثل "البدري 313". ويقول مسؤولو المخابرات في الجمهورية الأفغانية المنهارة إن المجموعتين متماثلتان.
وقال الجنرال في الجيش الأفغاني ياسين ضياء، الذي شغل منصب رئيس أركان الجيش حتى يونيو وقبل ذلك شغل منصبًا استخباراتيًا رفيعًا، إن "شبكة حقاني" نظرًا لتدريبها من قبل أجهزة المخابرات الأجنبية هي إلى حد بعيد أكثر المقاتلين الأفغان كفاءة. وقال إنه بسبب ذلك من المرجح أن تسيطر على جهاز المخابرات في البلاد.
وفي حين أن صلات جماعة حقاني بداعش موضع خلاف من قبل بعض المحللين والمسؤولين، فإن علاقات "شبكة حقاني" بالقاعدة واضحة.
وجاء في تقرير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في مايو أن "العلاقات بين طالبان، وخاصة "شبكة حقاني"، والقاعدة لا تزال وثيقة، على أساس الصداقة، وتاريخ النضال المشترك، والتعاطف الأيديولوجي، وغيرها". وتقول الأمم المتحدة إن ما بين 400 و600 من مقاتلي القاعدة ينشطون في 12 مقاطعة، ولا يزال زعيم الجماعة أيمن الظواهري متمركزًا في أفغانستان.
ونشأت "شبكة حقاني" من حركة المجاهدين المناهضة للسوفيت التي مولتها وكالة المخابرات المركزية في ثمانينيات القرن الماضي، وتعهدت بالولاء لطالبان في عام 1995. ومنذ ذلك الحين أصبحت الشبكة جزءًا لا يتجزأ من طالبان، لكنها حافظت على استقلاليتها وعلاقاتها مع مجموعة من الجماعات المسلحة الدولية ولا سيما القاعدة.
كما أقام سراج الدين حقاني علاقات وثيقة مع القائد البارز في القاعدة عبد الرؤوف ذاكر، الذي كان مسؤولاً عن حماية حمزة نجل أسامة بن لادن وفقاً للمخابرات الأميركية.